الغيبة ، ما هي وما مخاطرها؟ أسبابها وعلاجها

  مصنف: شريعة 1138 0

هل تعلم أن الغيبة من الكبائر التي لا تكفرها إلا التوبة النصوحة.   كلنا نعرف خطر الغيبة وشديد عذابها ولكننا لا نجاهد انفسنا جهادا يكون شفيعا لنا عند رب العالمين.  كثير من الناس إذا نهوا عن الغيبة يردون عليك بقولهم: نقعد ساكتين؟! سبحان الله وكأن الأحاديث لا تحلو إلا في عباد الله والإنتقاص منهم أو حسدهم أو تشويه سمعتهم.

تعريف الغيبة

في قوله تعالى: ( وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ) وقد ثبت تحديدها في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة أن رسول الله ﷺ “قال لصاحبه: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا:الله ورسوله أعلم.
قال:ذكرك آخاك بما يكره.
قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول، قال:إن كان فيه ما تقول فقد إغتبته، وإن لم يكن في فقد بهته” رواه مسلم.
سواء كان ذلك في خلقته، أو خلقه، أو في أحواله، أو في عقله، أو في ذكائه، أو في غير ذلك، مثل أن تقول: فلان قبيح المنظر، دميم، فيه كذا تريد معياب جسمه أو في خلقه بأن تقول: فلان أحمق، سريع الغضب، سيء التصرف، وما شابه ذلك، أو في خلقته الباطنة كأن تقول: فلان بليد، فلان لا يفهم، فلان سيء الحفظ أو ماشبه ذلك.
وقال سبحانه: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا).
فالغيبة تحبط الاعمال وتأكل الحسنات (حتى قال أحدهم لو كنت سأغتاب أحدا لاغتبت أمي وابي فهم أحق الناس بحسناتي)، كما أنها تفسـد المجالس وتقضي على الاخضر واليابس، صاحبها يهوى إلى الدرك الاسـفل من النار. والغيبة سبب لعذاب القبر، وفى الحديث “مر رسول الله ﷺ على قبرين، فقال:”إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما هذا: فكان لا يستتر من بوله، وأما هذا: فكان يمشي بالنميمة”. والغيبة أيضاً سبب لتعذيب الإنسان نفسه بيده يوم القيامة ففى رحلة المعراج قال صلى الله عليه وسلم: “لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس، يخمشون وجوههم وصدورهم ! فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم” . ومن الجدير بالذكر أن من استمع إلى غيبة إنسان، ولم ينكر على القائل، كان عليه من الوزر مثل المغتاب، وأما إذا أنكر، أو قام من المجلس، أو دافع عن الشخص الغائب، فقد سلم من الذنب، وكافأه الله يوم القيامة كما في الحديث: (من رد عن عرض أخيه، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة).

أسباب الغيبة

  1. ضعف الإيمان وقلة الخوف من الله تعالى فمن ضعف إيمانه، ضعف في السيطرة على لسانه، ومن قوى إيمانه، قوي في التحكم في لسانه.
  2. مرافقة أهل السوء والمعاصي فالأخلاق تعدى، والطبع يسرق من الآخر. وقالصلى الله عليه وسلم”الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل”.
  3. الحسد وهو مرض نفسى كامن في نفس الإنسان، يجعله يستكثر نعم الله على عباده، ويتمنى زوالها، بل قد يعمل على زوالها، وهذا يدفعه إلى الغيبة، والخوض في سير الناس وحياتهم الخاصة. فالحسد أساس كثير من المصائب والجرائم، لعلكم تذكرون ما كان بين ابليس وآدم، وما كان بين قابيل وهابيل.
  4. حب الدنيا والحرص على التنافس فيها خاصة المناصب والرئاسة، قال الفضيل بن عياض: (مامن أحد أحب الرياسة إلا حسد، وبغى، وتتبع عيوب الناس، وكره أن يذكر أحد بخير). كما أن هناك بعض الناس لا يرى إلا ذاته فيريد أن يرفع نفسه بأن يذكر عيوب الآخرين.
  5. الفراغ، بعض الفرغين يريدون أن يملؤا أو قاتهم بالحديث عن الأخرين وتتبع حياتهم الخاصة قاصدا التسلية وقتل الوقت، وفى الحقيقة أن النفس إذا لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.
  6. مجاملة الرفقاء كأن يجلس في مجلس فيه غيبة ويكره أن ينصحهم، لكي لا ينفروا منه ولا يكرهوا، أو يغتاب لكي يضحك الناس وهو ما يسمي المزاح حتى يكسب حب الناس له.

علاج الغيبة

  1. إستشعار تقوى الله في كل وقت وحين، فهى تعين على التوقف عن الغيبة، كما أنها سبب لتكفير السيئات قال تعالى: (ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا).
  2. أن ينشغل الإنسان بإصلاح عيوبة عن الآخرين.
  3. القراءة في سير الصحابة والسلف الصالح، ومجالسة الصالحين، فيدرك عظمة الأخلاق التى كان عليها سلفنا الصالح.
  4. محاسبة النفس ومعتبتها عند الخطأ.
  5. إستشعار أهمية التوبة إلى الله تعالى من الغيبة وأن نعزم على أن لا نعود إليها، وأن نطلب العفو ممن وقعنا في غيبتهم، وأن نطلب المغفرة من الله لنا ولهم وللمسلمين أجمعين. نسأل الله تعالى أن يحفظ ألسنتنا من الغيبة، وأن يحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اسأَلُ الله الكريم ربَّ العرش العظيم أنْ يمنَّ علينا بتوبةٍ نصوح تجبُّ ما قبلَها، وأنْ يغفر لنا ذنوبنا وزلَلنا وإسرافنا في أمرِنا، وألاَّ يُطلِق ألسنتنا إلا بما يُرضِيه عنَّا، إنَّه وليُّ ذلك والقادرعليه، إنَّه نعم المولى ونعم النَّصير.