آداب الدعاء ، شروطه وأسباب إجابته

  مصنف: شريعة 1569 0

يلجأ المؤمن إلى الله تعالى في وقت الضيق فيدعوه لفرج همه ولكن كثيراً منا لا يعرفون آداب الدعاء و شروطه ثم ننتظر يستجيب الله لنا. 

كما في كثير من المواضيع ادبنا الاسلام في كيفية التصرف بها لا بد من ان للعبادات ومنها الدعاء هناك آداب أيضاً. الدعاء له آداب في الإسلام ومنها:

  • الإقبال على الله
  • وحضور القلب
  • وإستقبال القبلة
  • ورفع اليدين والألحاح بالدعاء وتكرار الدعاء

ومن آداب الدعاء أيضاً البدأ بحمد الله والثناء عليه تعالى والصلاة على النبي ﷺ ثم تدعو بما تشاء. 

الدعاء هو الطلب والابتهال الأدنى للفعل ممن هو أعلى على وجه الاستكانة والخضوع، فدعاء العبد لربّه يعني طلب العناية منه، واستمداد المعونة، كما يُعتبر الدعاء من أفضل العبادات التي يُحبّها الله تعالى، فهي خالصة له، ولا يجوز أن يصرفها العبد إلى غيره.

شروط إجابة الدعاء

قبل أن نتعلم آداب الدعاء لابد لنا ان نتعرف على شروط الدعاء وهي التي ان لم تتوفر نكون ضيعنا دعاءنا وربما ارتكبنا معصية. 

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذا نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد والحاكم. وصححه الألباني.

شروط الدعاء ثلاثة 

1. دعاء الله وحده لا شريك له بصدق وإخلاص

إن الدعاء عبادة فيجب أن يكون خالصاً لله تعالى دون غيره فالله عز وجل هو المعطي وهو المجيب. وأن يكون الداعي موحداً لله تعالى في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، ممتلئاً قلبه بالتوحيد، شرط إجابة الله للدعاء.  كيف لعاقل ان يشرك مع الله مخلوق آخر في دعاءه ثم يتطلع إلى الاجاب.  فالشرك بالله من الكبائر لا تبدد الدعاء فقط بل انها تخرج الإنسان من الاسلام ومن يفعل ذلك يكون ارتكب اثماً عظيماً.  

وهنا يجدر التحذير والتنبيه من الذين يطلبون المعونة في دعائهم من الاتقياء والاولياء الصالحين. الليس ذلك اشراك في الالوهية !   هل للأولياء تأثير على صلتنا بالله عز وجل ؟  الم يقل الله عز وجل في كتابه 

 {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} [البقرة:186]

أي ان الله لم يخصص الدعاء للاتقياء ولكن اشطرت للاستجابة 

2. ألا يدعو المرء بإثم أو قطيعة رح وألا يستعجل

لما رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء.

3. أن يدعو بقلب حاضر، موقن بالإجابة

ويحسن ظنه بربه، لما رواه الترمذي والحاكم وحسنه الألباني عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
يُعتبر الإخلاص من الأمور المهمّة، والمطلوبة في كافّة العبادات الشرعية، وهو شرط لقبول الأعمال، فعند الدعاء يتوجّب الإخلاص، والخشوع، والتضرّع، والرهبة، والرغبة، قال تعالى:
(فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)[غافر:14]
ويكون الإخلاص لله وحده، إذ يشتمل ذلك الخفية، والإخفاء، والإسرار بأن يكون القلب خائفاً طامعاً، ليس بغافل، ولا بآمن، ويُعدّ هذا من إحسان الدعاء، حيث إنّ الإحسان في كلّ عبادة بذل الجهد فيها، وأداءها بشكل تامّ.

آداب الدعاء وفقه الدعاء

هذه بعض آداب الدعاء التي ذكرها العلماء والتي علينا اتيان ما استطعنا منها لبتقبل الله منا حسن عبادته و يستجيب دعاءنا.  

  1. أن يسأل اللهَ تعالى بأسمائه الحسنى خاصة باسمه الاعظم، قال الله تعالى :
    {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه } [الأعراف: 180]
    ، وفي المسند والسنن عن بريدة قال: سمع النبي ﷺ رجلا يقول: اللهم إني أسالك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب.
    وروى الترمذي عن أنس، وفي مسند أحمد عن ربيعة بن عامر أن النبي ﷺ قال: ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام. أي الزموا وثابروا. صححه الألباني.
  2. الثناء على الله تعالى قبل الدعاء بما هو أهله ، روى الترمذي (3476) عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ : بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَجِلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي ، إِذَا صَلَّيْتَ فَقَعَدْتَ فَاحْمَدْ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، وَصَلِّ عَلَيَّ ، ثُمَّ ادْعُهُ ) وفي رواية له (3477) : ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ لْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لْيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ ) . قَالَ : ثُمَّ صَلَّى رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّهَا الْمُصَلِّي ، ادْعُ تُجَبْ ) صححه الألباني في “صحيح الترمذي” (2765 ، 2767)
  3. الصلاة على النبي ﷺ ، قال النبي ﷺ : ( كل دعاء محجوب حتى تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ) رواه الطبراني في “الأوسط” (1/220) ، وصححه الشيخ الألباني في “صحيح الجامع” (4399)
  4. استقبال القبلة ، روى مسلم ( 1763 ) عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلا ، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ : ( اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الإِسْلامِ لا تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ ) فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ . . . لحديث قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : فِيهِ اِسْتِحْبَاب اِسْتِقْبَال الْقِبْلَة فِي الدُّعَاء ، وَرَفْع الْيَدَيْنِ فِيهِ
  5. رفع اليدين ، روى أبو داود ( 1488 ) عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا ) ، وصححه الشيخ الألباني في “صحيح أبي داود” (1320) .  ويكون باطن الكف إلى السماء على صفة الطالب المتذلل الفقير المنتظر أن يُعْطَى ، روى أبو داود (1486) عن مَالِكِ بْنَ يَسَارٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ وَلا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا ) ، وصححه الشيخ الألباني في “صحيح أبي داود” (1318) .0
  6. الإكثار من المسألة ، فيسأل العبد ربه ما يشاء من خير الدنيا والآخرة ، والإلحاح في الدعاء ، وعدم استعجال الاستجابة ، لقول النبي ﷺ : ( يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الاسْتِعْجَالُ ؟ قَالَ : يَقُولُ : قَدْ دَعَوْتُ ، وَقَدْ دَعَوْتُ ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي ، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ ) رواه البخاري (6340) ومسلم (2735) .
  7. الجزم فيه ، لقول النبي ﷺ : ( لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ ، لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ ، فَإِنَّ اللهَ لا مُكْرِهَ لَهُ ) رواه البخاري (6339) ومسلم (2679) .
  8. التضرع والخشوع والرغبة والرهبة ، قال الله تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ) الأعراف/55، وقال : ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين ) الأنبياء/90 ، وقال : ( واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ) الأعراف/205
  9. خفض الصوت يجب على الداعي خفض صوته عند الدعاء بين المخافتة والجهر، وعدم الاعتداء بالدعاء، قال تعالى: (ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)[الأعراف:55]. وأثنى الله تعالى على عبده زكريا عليه السلام بقوله : ( إذ نادى ربه نداءً خفياً ) مريم/3
  10. استحباب الوضوء
    عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى: دَعَا النَّبِيُّ ﷺ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ بِهِ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ»-وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ- ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنْ النَّاسِ» البخاري ومسلم 

أسباب الإجابة

ومن أهم أسباب إجابة الدعاء تحري الحلال في المأكل والمشرب، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم، وقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم. ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام. فأنى يستجاب لذلك.

ومن أسباب الإجابة تحري وقت الاستجابة ويتمثل ذلك في اختيار الأوقات الشريفة، والتي يكثر الاستجابة بها، وهي: يوم عرفة، ورمضان، ويوم الجمعة، ووقت السحر، ولحظة السجود، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ) [صحيح مسلم].

فاحرص على الاستقامة على طاعة الله وتقواه والإكثار من سؤاله،

 

مراجع 

يوسف يعقوب

كاتب ومترجم وخبير برمجة لاكثر من 20 سنة. مهتم بالغذاء والصحة وعلاج الامراض بالاعشاب والطرق الطبيعية.

أقرأ مقالاتي الأخرى