صلاة النوافل أو صلاة السنن

  مصنف: شريعة 15 0

صلاة النوافل تعد من أعظم الأعمال التي يمكن أن يقوم بها المسلم تطوعًا بجانب الصلوات المفروضة، وهي وسيلة رائعة للتقرب إلى الله عز وجل وزيادة الحسنات ومحو السيئات.

النوافل ليست فرضًا على المسلم، ولكنها تعبر عن صدق إيمانه ورغبته في نيل رضى الله. وقد ورد في السنة النبوية الكثير من الحث على أداء النوافل وبيان فضلها العظيم.

تعريف صلاة النوافل

النوافل في اللغة تعني الزيادة، وفي الاصطلاح الشرعي تعني كل صلاة زائدة على الصلوات المفروضة، سواء كانت سننًا مؤكدة أو غير مؤكدة. وتعتبر النوافل بمثابة هدية يقدمها العبد لربه تعبيرًا عن محبته وامتنانه لنعمه الكثيرة.

فإن صلاة النوافل هي ما سوى الفرائض، وتنقسم إلى قسمين:

نوافل تابعة للفرائض، وتسمى بصلاة الرواتب أو سنن الفرائض وهي نوعان مؤكدات وهي اثنتا عشرة ركعة و غير المؤكدات. والنوافل غير الرواتب، فهي كثيرة منها الوتر صلاة الضحى وغيرها. 

  • وسنناً مؤكدة:
    • صلاة العيدين
    • صلاة الاستسقاء
    • صلاة الكسوف.

وهناك نوافل مطلقة غير مقيدة بعدد، وهي تصلى في أي وقت باستثناء أوقات النهي.

وهذا مختصر عن الفرق بين النوافل وسنن الصلاة الرواتب.

أنواع صلاة النوافل

1. النوافل المؤكدة

النوافل المؤكدة هي تلك التي واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتركها إلا نادرًا، وهي تشمل:

  • السنن الرواتب: وهي الصلوات المرتبطة بالفرائض، وعددها اثنتا عشرة ركعة يوميًا.  وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على أدائها، وقال:“من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة، بُني له بيت في الجنة”.

    وهي موزعة كالتالي:

    • ركعتان قبل الفجر
    • أربع قبل الظهر وركعتان بعدها
    • ركعتان بعد المغرب
    • ركعتان بعد العشاء.
  • صلاة الوتر: تعتبر من السنن المؤكدة التي كان النبي يواظب عليها، وهي صلاة تختم بها صلاة الليل. أقلها ركعة واحدة، ويمكن أن تُصلى ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر.

  • صلاة الضحى: هي صلاة مستحبة تؤدى في وقت الضحى، أي بعد ارتفاع الشمس قيد رمح وحتى قبيل الظهر. وقد أثنى النبي على أدائها، فقال: “يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، وكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى”.

2. النوافل غير المؤكدة

النوافل غير المؤكدة هي الصلوات التي لم يداوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم، لكنها مستحبة وتزيد في قرب العبد من ربه، ومنها:

  • صلاة التهجد: تؤدى في جوف الليل وتعد من أعظم القربات. قال الله تعالى: “وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا”.

  • صلاة الاستخارة: يلجأ المسلم إليها عند الحيرة في اتخاذ قرار معين، ويسأل الله فيها التوفيق والهداية.

  • صلاة الحاجة: يؤديها المسلم عندما يحتاج إلى قضاء أمر أو تيسير شيء معين.

  • صلاة التسابيح: أو صلاة التسبيح وهي تشتمل على كثرة التسبيح، وتؤدى في ركعات محددة.

  • صلاة الليل: تشمل جميع الصلوات التي تؤدى بعد العشاء وحتى الفجر، وهي من أفضل العبادات التي تقرب العبد إلى الله.

  • وبعض الرواتب غير المؤكدة: 
    • أربع قبل العصر
    • ركعتان قبل المغرب
    • ركعتان قبل العشاء.

فضل صلاة النوافل

صلاة النوافل لها فضل عظيم يظهر في العديد من الجوانب، ومنها:

  • التقرب إلى الله: قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: “وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أُحبَّه”. فالنوافل وسيلة لنيل محبة الله.

  • تكفير الذنوب: تعمل النوافل على محو الذنوب والخطايا التي قد يرتكبها المسلم في حياته اليومية.

  • رفع الدرجات: تزيد النوافل من حسنات العبد وترفع من درجاته في الجنة.

  • جبر النقص في الفرائض: أحيانًا قد يكون هناك نقص أو خلل في أداء الصلوات المفروضة، وتأتي النوافل لتعويض هذا النقص.

  • تحقيق الراحة النفسية: أداء النوافل يمنح المسلم شعورًا بالطمأنينة والسكينة، ويزيد من تعلقه بالله.

أحاديث في النوافل 

حديث أم حبيبة -رضي الله عنها- الثابت في صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: 

ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة، إلا بنى الله له بيتا في الجنة.

فقد جاء في سنن أبي داود عن أم حبيبة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: 

من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر، وأربع بعدها، حرم على النار.

وصححه الشيخ الألباني.

‌ورواية الترمذي تفسر هذه الركعات: فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 

من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة؛ بنى الله له بيتا في الجنة: أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر.

حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 

رَكْعَتَا الْفَجْرِ، خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. 

رواه مسلم

أخرج الترمذي في سننه عن حريث بن قبيصة، قال: قدمت المدينة، فقلت: اللهم يسر لي جليسا صالحا، قال: فجلست إلى أبي هريرة، فقلت: إني سألت الله أن يرزقني جليسا صالحا، فحدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعل الله أن ينفعني به. فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: 

إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته؛ فإن صلحت فقد أفلح وأنجح. وإن فسدت؛ فقد خاب وخسر. فإن انتقص من فريضته شيء، قال الرب -عز وجل-: انظروا هل لعبدي من تطوع، فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك.

وصححه الألباني.

كما أن فضل النوافل والرواتب، من أفضله وآكده، أنها سبب لنيل حب الله -تعالى- ففي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

 قال الله -تعالى-: من عادى لي ولياً؛ فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضته عليه. وما يزال عبدي يتقرب إليِّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها. ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنَّه. وما ترددتُ عن شيءٍّ أنا فاعله، ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت، وأنا أكره مساءته. 

رواه البخاري.

 

كيفية المواظبة على النوافل

لكي يتمكن المسلم من الاستمرار في أداء النوافل، يمكنه اتباع الخطوات التالية:

  • التدرج في العبادة: يفضل البدء بعدد قليل من النوافل ثم زيادتها تدريجيًا.

  • وضع جدول زمني: تخصيص أوقات معينة لأداء النوافل، مثل أدائها قبل أو بعد الصلوات المفروضة.

  • النية الخالصة: التأكد من أن تكون النوافل خالصة لوجه الله، بعيدًا عن الرياء أو المباهاة.

  • الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم: دراسة سنته في أداء النوافل ومحاولة تطبيقها.

التوازن بين النوافل والواجبات

من المهم أن يحرص المسلم على تحقيق التوازن بين أداء النوافل وبين التزاماته اليومية الأخرى. فلا ينبغي أن يؤدي الانشغال بالنوافل إلى التقصير في أداء الفرائض أو المسؤوليات الأخرى. كما يجب أن يكون أداء النوافل متزنًا بحيث لا يشعر المسلم بالإرهاق أو الملل.

نماذج من النوافل في حياة السلف

كان الصحابة والتابعون يحرصون على أداء النوافل بشكل دائم. فمثلاً، كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه معروفًا بكثرة قيام الليل. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصلي حتى تتورم قدماه. وهذه النماذج تعكس حبهم للعبادة وحرصهم على التقرب من الله.

الخاتمة

صلاة النوافل هي هدية عظيمة من الله لعباده، فهي تفتح أبواب الخير والبركة وتزيد من القرب من الله. من خلال المواظبة على النوافل، يمكن للمسلم أن يعزز علاقته بربه ويحصل على الأجر العظيم. لذا، احرص على جعل النوافل جزءًا من حياتك اليومية، وابدأ بخطوات بسيطة لتشعر بلذتها وأثرها على قلبك ونفسك.

 

المصادر

يوسف يعقوب

كاتب ومترجم وخبير برمجة لاكثر من 20 سنة. مهتم بالغذاء والصحة وعلاج الامراض بالاعشاب والطرق الطبيعية.

أقرأ مقالاتي الأخرى