أسباب السعادة والمفاهيم الخاطئة عنها

  مصنف: تسلية وثقافة 1865 0

السعادة كلمة خفيفة على اللسان، حبيبة إلى قلب كل إنسان، فهي شعور ينبع من داخل النفس يحسه الإنسان إذا شعر بالرضا  والطمأنينة والراحة والبهجة.  لقد اختلفت نظرات الناس للسعادة باختلاف طباعهم واهتماماتهم وتطلعاتهم وحتى مجتمعاتهم، فأكثر الناس يظن أن السعادة في المال والثراء ، ومنهم من يتصور أن السعادة في أن يكون له بيت فاخر وسيارة فاخرة، ومنهم من يعتقد أن السعادة في كثرة الأولاد والأحفاد ، أو تكون له وجاهة في المجتمع، أو يتبوأ أعلى المناصب ، ويظنها البعض الآخر في أن يتزوج امرأة ذات مال وجمال ودلال. فالسعادة تختلف من إنسان إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر.

فالسعادة ليست في مال يجمعه الإنسان وإلا لسعد قارون، وليست في طلب الوزارة والمنصب ولو كانت كذلك لسعد هامان وزير فرعون، وليست في متعة دنيوية ما تلبث أن تنقضي بل السعادة الحقيقية في طاعة الله، والبعد عن معصيته التي هي سبب في الفوز الأبدي (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَاز) )َسورة آل عمران(185)، وذلك بأن يسير الإنسان في هذه الدار على الصراط المستقيم، وأن يتبع الرسول الكريم، وأن يتقي الله ويراقبه في السر والعلانية، والغيب والشهادة، فبذلك يفوز الإنسان ويسعد.

أسباب السعادة

السعادة هي مطلب كل إنسان في هذا الوجود. و أعظم سعادة هي السعادة الروحية المتمثلة في أعماق النفس، وإليكم بعض أسباب السعادة :

  1. الإيمان والعمل الصالح:‏  قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون َ} [سورة النحل: 97].‏ وقال أيضا  (..فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124).فالحياة الطيبة تكون لأهل الإيمان والعمل الصالح وأما غيرهم حتى وإن تمتعوا بالملذات المحسوسة فإنهم في ضيق ونكد.
  2. الإكثار من ذكر الله، فإن ذلك من أكبر الأسباب لانشراح الصدر وطمأنينة ‏القلب، وزوال همه وغمه،قال تعالى: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }. [سورة الرعد: 28].‏
  3. ‎الإحسان إلى الخلق بالقول والعمل وأنواع المعروف فإن الله يدفع به الهموم والغموم عن العبد، ويعاملك الله وفق معاملتك لعباده قال الإمام ابن القيم رحمه الله: \”من رفق بعباد الله رفق الله به، ومن رحمهم رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، ومن جاد عليهم جاد عليه، ومن نفعهم نفعه، ومن سترهم ستره، ومن منعهم خيره منعه خيره، ومن عامل خلقه بصفة عامله الله بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة، فالله لعبده حسب ما يكون العبد لخلقه\” . قال تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } [سورة النساء: 114].‏
  4. أن ينظر الإنسان إلى من هو أسفل منه ولا ينظر إلى من هو أعلى منه في الرزق والصحة وغيرها وقد ورد في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ) رواه مسلم.‏‎‎فبهذه النظرة يرى أنه يفوق كثيراً من الخلق في العافية وتوابعها، وفي الرزق وتوابعه، فيزول قلقه وهمه وغمه، ويزداد سروره واغتباطه بنعم الله.‏
  5. مقابلة الإساءة بالإحسان. قال الله تعالى :ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34فصلت).
  6. تجنب الوحدة والفراغ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ)،  قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ” لو يعلم الناس في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده ( أبدا ) ” روى الإمام أحمد عن ابنِ عمرَ رضي الله عنهما أنّ النّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم: (( نَهَى عَنْ الْوَحْدَةِ: أَنْ يَبِيتَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ، أَوْ يُسَافِرَ وَحْدَهُ )).
  7. تجنب الحسد، وأن يحب الإنسان للآخرين ما يحب لنفسه. قال رسول الله – ﷺ -: ((الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب))، وقال أيضًا: ((دَبَّ إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، وإنما تحلق الدِّين)) لنبي ﷺ قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) متفق عليه.
  8. تقبل النقد الهادف، والنصح، والتوجيه من كل أحد بصدر رحب.
  9. السعي في إزالة الأسباب الجالبة للهموم، وفي تحصيل الأسباب الجالبة للسرور، وذلك بنسيان ما مضى عليه من المكاره التي لا يمكنه ردها، ومعرفته أن اشتغال فكره فيها من باب العبث والمحال، فيجاهد قلبه عن التفكير فيها.‏
  10. الاعتماد والتوكل على الله والوثوق به والطمع في فضله، فإن ذلك يدفع الهموم والغموم، ويحصل للقلب من القوة والانشراح والسرور الشيء الكثير.
  11.  تجنب الغضب ودواعيه. عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رجلا قال للنبي ﷺ : ” أوصني ” ، قال : ( لا تغضب ) ، فردّد ، قال : ( لا تغضب ) رواه البخاري .
  12. توطين النفس على أن رضا الناس غاية لا تدرك.
  13. الحب.

خلاصة أسباب السعادة : أمن، عافية، قوت يوم. قال (صلى الله عليه وسلم): «من بات آمنًا في سربه معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها».

مفاهيم خاطئة عن السعادة:

 

لو كنت ترغب أن تعيش حياة أكثر سعادة ومتعة،  فإن أفضل ما يمكنك القيام به  هو تغيير مفاهيمك المتداولة عن حقيقة السعادة. ومن هذه المفاهيم:

  1. الوراثة:  يعتقد بعض الأشخاص بأن السعادة لها ارتباط كبير بالجينات و الوراثة، حيث أن المثال الذي يستخدم في الغالب لإثبات هذه النظرية هو أن يقوم المرء بتربية أخوين بنفس الطريق أحدهم سلبي و الأخر إيجابي، و على الرغم من أنهم تعرضوا لنفس الظروف و تم التعامل معهم بنفس الطرق،  إلا أن هناك اختلاف بينهم من جانب الشعور بالسعادة.  في الواقع يوجد هناك ارتباط بين شعور المرء بالسعادة و الجينات، ولكن لا يمكن للجينات أن تكون عقبة لا يمكن تخطيها للوصول للسعادة، حيث يحتاج بعض الأشخاص جهد اكبر من غيرهم للشعور بالسعادة و لذلك لا يجب أن يلقى اللوم على الوراثة،  بل يتوجب على المرء البحث عن الطرق التي تناسبه و تمكنه من الحصول على السعادة التي يبتغيها.
  2.  يرى العديدون أن أكبر مصادر السعادة تكون من خلال اكتساب الأشياء. فعلى سبيل المثال من الاعتقادات الشائعة أن الزواج أو الحصول على المال أو امتلاك بيت جديد كلها امور تحقق السعادة للمرء. لكن الواقع أن السعادة التي تجلبها تلك الأشياء وما شابهها لا تتعدى نسبتها الـ10 % فقط. ولكن يمكننا ان نحصل على السعادة بنسبة 40 % بتصرفاتنا وطرق تعاملنا مع مجريات الحياة المختلفة. وبالتالي يمكن أن ندرك أن السعادة لا يجب أن تكون تابعة لحد قد يفقد بريقه عند الاعتياد عليه، وإنما يجب أن تبقى السعادة حية داخلنا اعتمادا على سلوكياتنا ونظرتنا الإيجابية للحياة.
  3. الاعتياد: من أكثر المفاهيم التي لا يعي لها المرء و يقع ضحيتها، هي الاعتياد على السعادة،  في الواقع هناك العديد من العوامل التي تؤيد هذا المفهوم و هو ليس بالخاطئ، و لكن يمكن للمرء أن يتخطاه.  إن حصول المرء على سيارة جديد و فارهة أو الحصول على وظيفة و منصب ممتاز من أفضل الأمثلة على الاعتياد على السعادة،  فقد يشعر المرء لحظة حصوله على مثل هذه الأمور بالسعادة الغامرة، و لكن مع مرور الوقت يمكن أن تزول،  و ذلك بسبب طبيعة البشر بالتطلع دائما للأفضل و لكل جديد,  في الواقع إن أفضل طريقة لمحاربة هذه الطبيعة هي القناعة و النظر للأحداث و الممتلكات بطريقة مختلفة في كل يوم، و كما إن تقدر المرء لما يمتلك أحد أفضل الطرق لاستمرار السعادة لفترات أطول.

 

يوسف يعقوب

كاتب ومترجم وخبير برمجة لاكثر من 20 سنة. مهتم بالغذاء والصحة وعلاج الامراض بالاعشاب والطرق الطبيعية.

أقرأ مقالاتي الأخرى