تحية الإسلام – آدابها وفوائدها والأحوال التي لا تشرع فيها

  مصنف: شريعة 4888 0

تحية الإسلام هي: “السلام عليكم ورحمة الله وبركاته” وهذا أكملها، وأقلها: “السلام عليكم”.

وقد شرع الله ورسوله ﷺ  لنا تحية تميزنا عن غيرنا، ورتب على فعلها الثواب، وجعلها حقاً من حقوق المسلم على أخيه.  فلا يصح أن تبدل هذه التحية العظيمة بعبارات أخرى لا تؤدي ما تؤديه تحية الإسلام المباركة، مثل: صباح الخير، أو مساء الخير، أو مرحباً، أو غير ذلك، مما قد يستعمله بعض الناس جهلاً أو إعراضاً.

تحية الإسلام  تحية آدم وذريته

روى أحمد والشيخان والنسائي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ : قَالَ رَسُولِ اللهِ  :

خَلَقَ اللهُ  آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ، فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ : اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ – وَهُمْ نَفَرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ – فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ ، فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ 

قَالَ : فَذَهَبَ فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ،

فَقَالُوا : السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ 

قَالَ :  فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللهِ

ولفظ النسائي :

 خَلَقَ اللهُ آدَمَ بِيَدِهِ ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ، وأمر الْمَلَائِكَةِ فَسَجَدُوا لَهُ ، فَجَلَسَ فَعَطَسَ

فَقَالَ : الْحَمْدُ للهِ ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ : يَرْحَمُكَ اللهُ رَبُّكَ ، إيتِ هَؤلَاءِ الْمَلَائِكَةَ فَقُلِ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، فَأَتَاهُم فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، فَقَالُوا : وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ تَعَالَى فَقَالَ لَهُ : هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ بَيْنَهُمْ.

 

ففي هذا الحديث دليل على أن ( السلام ) هو ما شرعه الله تعالى لآدم وذريته جميعًا.

آداب تحية الإسلام

  1. إفشاء السلام : فإن هذا مما أمر به الرسول ، فقد قال : (( أفش السلام ، وأطعم الطعام ، وصل الأرحام ، وقم بالليل والناس نيام ، وادخل الجنة بسلام )).
  2. أن يبدأ المرء من لقيه بالسلام : فإن هذا من حق المسلم على أخيه المسلم ، كما قال (حق المسلم على المسلم ست ” وذكر منها ” : إذا لقيته فسلم عليه)).
  3. الحرص على استعمال تحية السلام : وهي التحية التي شرعها الله تعالى لعباده ، والتي تعد شعارا ً للمسلمين ، وهي تحية الملائكة ، وتحية أهل الجنة ، وهي قول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
  4. الحرص على إلقاء السلام كاملا ً ، فكلما كان السلام أكمل كلما كان الأجر أعظم .
  5. وجوب رد السلام لمن ألقي عليه السلام : فيجب على الإنسان إذا اُلقي عليه السلام أن يرد السلام ، قال عليه الصلاة والسلام : ((حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام ، وعيادة المريض ، وإتباع الجنائز ، وإجابة الدعوة ، وتشميت العاطس)) ويجزئ عن الجماعة الجالسين أن يرد أحدهم لقوله ﷺ : ((يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم)).
  6. رد التحية بأحسن منها أو ردها : وذلك لقوله تعالى وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها.
  7. اجتناب تحية الموتى بالقول “عليك السلام يا فلان “. بل نقول : السلام عليك أو عليكم ” للأحياء ” فإن النبي عليه الصلاة والسلام أتاه رجل فقال له : عليك السلام يا رسول الله ! فقال له النبي ( لا تقل : عليك السلام . فإن عليك السلام تحية الموتى)).
  8. عدم التشبه بغير المسلمين في تحيتهم : سواء كان التشبه بهم في حركاتهم ، أوفي ألفاظهم ، فإن مشابهتهم مُحرمة . وقد نهى عنها النبي ﷺ حيث قال (ليس منا من تشبه بغيرنا ، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى)).
  9. رد تحية غير المسلم بقول : وعليكم فإن نفرا ًمن اليهود مروا بالنبي فقالوا له : السام عليك . فقال لهم : ((وعليكم)) وقال : (( إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول : السام عليكم . فقولوا : وعليكم)).
  10. يبدأ الصغير والقليل والراكب بالسلام : وهذا كله مما أرشدت إليه الأحاديث النبوية الصحيحة في هذا الباب ، فإذا تقابل رجل مع أكثر من رجل سلم عليهم . أو مجموعة مع مجموعة أكبر منهم فعلى المجموعة الأقل أن يبدؤوا بالسلام . وإذا تقابل صغير مع كبير يبدأ الصغير بالسلام . وإذا تقابل راكب مع ماش يبدأ الراكب بالسلام ، ويبدأ الماشي بالسلام على القائم ، والقائم يسلم على القاعد ، وراكب السيارة أو الدراجة يبدأ بالسلام على الماشي أو القاعد ، وكل ذلك قد أمر به النبي حيث قال : ((ليسلم الراكب على الراجل ، وليسلم الراجل على القاعد ، وليسلم الأقل على الأكثر ، فمن أجاب السلام فهو له ،ومن لم يجب فلا شيء عليه)) وقال عليه الصلاة والسلام : ((يسلم الصغير على الكبير ، والمار على القاعدين والقليل على الكثير)) وإذا مر رجل كبير بعدد من الصبيان سلم عليهم وكذلك إذا كان الراكب كبيرا ًوالماشي صغيرا سلم الراكب على الماشي . وإذا كان الماشي كبيرا والقاعد صغيرا ًسلم الماشي على القاعد .
  11. السلام عند مفارقة المجلس والخروج منه : وبعض الناس يغفل عن هذا الأدب ، فإذا دخل المجلس سلم ، ثم إذا خرج لحاجة فإنه لا يسلم ، وهذا خلاف السنة ، فإن الرسول عليه السلام قال : ((إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم ، فإذا أراد أن يقوم فليسلم ، فليست الأولى بأحق من الآخرة)) وهكذا من باب أولى أن يعيد السلام إذا عاد إلى المجلس ثانية وإفشاء السلام يزيد المحبة .
  12. التصافح مع السلام عند التقابل : وهذا من آداب السلام التي ندب إليها الإسلام ، فإذا لقي المؤمن أخاه المؤمن فينبغي له إضافة على السلام أن يأخذ بيده ، ويصافحه ، فإن فعل هذا فله أجر كبير ، وهو مما يقوي المودة بين المسلمين ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ((ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان ، إلا غفر لهما قبل أن يفترقا)) وقال عليه السلام : ((إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه ، وأخذ بيده فصافحه ، تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر)).
  13. إعادة السلام إذا حال حائل بين الشخصين : وهذه سنة عظيمة ، لا يفعلها كثير من الناس ، وهي إنه لو كان شخصان يمشيان ، ثم افترقا حول جدار ، أو شجرة ، أو عمود ، أو غيره ، ثم التقيا بعد أن يجتازا الحائل ، فينبغي لهما أن يتبادلان السلام ثانية ، وقد قال النبي : (( إذا اصطحب رجلان مسلمان ، فحال بينهما شجر أو حجر ، أو مدر ، فليسلم أحدهما على الآخر ، ويتبادلوا السلام )).
  14. السلام قبل السؤال والكلام : فلا يبدأ الشخص بسؤال إنسان عن شيء ، أو بتكليمه إلا بعد أن يسلم أولاَ ، لقوله عليه الصلاة والسلام : ((السلام قبل الكلام)).
  15. خفض الصوت بالسلام إذا دخل على نائمين : فإن النبي كان يفعل ذلك ، حتى يسمع المستيقظين ، ولا يزعج النائمين ، فجاء أنه عليه الصلاة والسلام : ((كان يدخل من الليل ، فيسلم تسليما لا يوقظ النائم ، ويسمع اليقظان)).
  16. إذا مر على مجلس فيه مسلمون ومشركون سلم : وذلك تعظيما لحق الإسلام ، فإن النبي عليه الصلاة والسلام : ((مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين واليهود فسلم عليهم)).
  17. التسليم إذا مر على الصبيان : فإن هذا مما يؤلف قلوبهم ، ويطيب نفوسهم ، فإن النبي مر على صبيان فسلم عليهم.
  18. التسليم إذا مر على جمع نسوة : فإن النبي قد فعل ذلك ، كما في حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها ((مر علينا النبي ﷺ في جمع نسوة ، فسلم علينا)).
  19. استحباب تبليغ السلام من شخص لآخر : فإن النبي قال لعائشة رضي الله عنها : ((إن جبريل يقرأ عليك السلام)) فقالت عائشة رضي الله عنها : ((وعليه السلام ورحمة الله)).
  20. مما ينبغي الحرص عليه عند التسليم أن نراعي من كان في المجلس إذا كان كبيراً في السن أن نوقره وأن نبدأه بالسلام فإنَّ كبر السن له منزلة فيسلم عليه أولاً لاسيما إذا كان عالماً أو له منزلة عند قومه ونحو ذلك.

فوائد السلام

  1. أنه نشر لـ تحية الإسلام ، والله -عز وجل- شرع لنا هذا وجعلها تحية أهل الجنة فينبغي أن نحافظ على شعار الإسلام وأن ننشر تحية أهل الجنة في ذلك.
  2. تحية الإسلام  سبب إلى نشر المحبة والمودة والتآلف بين المسلمين.
  3. تحية الإسلام فيها نشر للطمأنينة، بين المسلِّم والمسلَّم عليه.
  4. في التسليم تكثير للحسنات، فكل تسليمة تسلم بها على إخوانك تنال بها ثلاثين حسنة، فلا تحرم نفسك هذا الأجر العظيم.
  5. السلام سبب من أسباب دخول الجنة كما جاء في حديث عبدالله بن سلام مرفوعاً (أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام)، فأصبح السلام وإفشاؤه من أسباب دخول الجنة.
  6. فيه ذكر لله -عز وجل- لأن الإنسان المُسلم يذكر اسم الله -عز وجل- في كل تسليم.
  7. دليل على التواضع وعدم الكبر: وهذا ولاشك مظهر من مظاهر الإسلام التي يحرص عليها في نشر المودة والألفة بين الناس والبعد عن الكبر والعجب ونحو ذلك.
  8. السلام يطرد الشيطان، لأنه ذكر لله -عز وجل- والشيطان ينفر من الذكر فإذا سلم المسلم على إخوانه يطرد الشيطان عنهم.

الأحوال التي لا يشرع في السلام

  1. ما إذا كان الإنسان على حاجته من بول أو غائط، ومنها حال خطبة الجمعة، فلا يسلم على المستمعين للخطبة، لأنهم مأمورون بالإنصات، ولا يردون على من سلم عليهم.
  2. ومنها حال الاشتغال بتلاوة القرآن، فالتالي لا يسلم عليه.
  3. يُكرَه إلقاء السلام على المؤذِّن أثناء أذانه، ولكن لو سلَّم عليه أحد، وجَب عليه رد السلام بلفظه المعتاد، لأن ذلك يسيرٌ لا يُبطِل الأذانَ، ولا يُخِلُّ به.

ومما يجدر التنبيه عليه ما اعتاد بعض الناس من تخصيص السلام والمصافحة بعد صلاة الفريضة أو صلاة النافلة، فهذا السلام غير مشروع، وإذا داوم عليه فهو بدعة. أما لو فعله لسبب عارض من غير مداومة، كما لو سلم على من لم يره قبل ذلك، أو سلم عليه ليكلمه في حاجة فلا بأس بذلك.